بعد الولادة، تتساءل نساء كثيرات: «لماذا لم أعد أشعر بالرغبة كما من قبل؟». لقد تغيّر الجسد، وتبدّلت الهرمونات، وامتلأ الذهن بمسؤوليات لا تنتهي. لكن الحقيقة البسيطة هي أنّ الرغبة لا تختفي، بل تتبدّل.
من الطبيعي أن تشعري بانخفاض الرغبة بعد الولادة، ولا سيّما في الأشهر الأولى. فالجسد يمرّ بمرحلة إعادة توازن شاملة تشمل الجهاز الهرموني، والمشاعر، والنوم، والطاقة الجسدية والعاطفية. لكنّ هذا التغيّر لا يعني أنّ الرغبة قد انتهت، بل أنّها تحتاج إلى وقتٍ واهتمامٍ لتعود إلى طبيعتها بشكلٍ أعمق وأكثر وعيًا.
ينخفض مستوى الإستروجين والبروجسترون انخفاضًا حادًّا بعد الولادة مباشرة، بعد أن كانا في أعلى مستوياتهما طوال فترة الحمل. هذان الهرمونان مسؤولان عن نعومة الجلد، وترطيب المهبل، والراحة المزاجية، وتنظيم الدورة الشهرية.
عندما يهبطان فجأة:
بعد الولادة، يرتفع البرولاكتين — وهو الهرمون المسؤول عن إنتاج الحليب — ليؤمّن الرضاعة الطبيعية.
ويؤثّر هذا الارتفاع في جسدك وعاطفتك بطرق متناقضة:
من جهة، يساعد البرولاكتين على:
الأوكسيتوسين هو ما يُسمّى بـ«هرمون الحبّ»، إذ يُفرز عند الولادة والرضاعة، وأثناء اللمس والعناق والعلاقة الحميمة. وظيفته الطبيعية أن يزيد من الإحساس بالدفء العاطفي والانتماء والثقة.
لكن بعد الولادة، يتّخذ الأوكسيتوسين وجهًا جديدًا:
كثيرات يعتقدن أن التستوستيرون هرمون ذكري، لكنه في الواقع أساسيّ لدى النساء أيضًا، إذ يُنتج في المبيضين والغدة الكظرية، ويُعتبر المسؤول الأول عن الحيوية والرغبة والثقة بالنفس. بعد الولادة، خصوصًا في حال الرضاعة الطبيعية أو الإرهاق الشديد، ينخفض مستواه بنسبة قد تصل إلى ٣٠–٥٠%.
هذا الانخفاض يؤدي إلى:
يمكن مساعدة الجسد على استعادة التستوستيرون الطبيعي من خلال:
إنّ الرغبة ليست نتاج الهرمونات وحدها، بل تتأثّر أيضًا بالحالة النفسية. فبعد الولادة، تجد الأم نفسها في دوّامة من المهامّ المتواصلة، والنوم المتقطّع، والمشاعر المختلطة بين الفرح والإرهاق والخوف.
حين يشعر العقل بالضغط المستمر، يعمد الجسد إلى حماية نفسه بخفض الهرمونات الجنسية وزيادة هرمونات التوتّر، فيختفي الإحساس بالرغبة مؤقّتًا. ولذلك، لا يمكن للرغبة أن تزدهر إلا حين تجدين في يومك فسحةً صغيرة للهدوء والراحة.
هل فقدتِ الرغبة بعد الولادة؟ أحيانًا لا يكون السبب جسديًّا، بل ذهنيًّا وعاطفيًّا. استمعي إلى الحلقة الخامسة من بودكاست مش عيب، لتتعرّفي إلى العلاقة بين الدماغ والرغبة، وكيف يمكن استعادتها بخطوات بسيطة ومن دون خجل. لأنّ الرغبة ليست رفاهية، بل لغة جسدك الأولى.
الجفاف المهبلي نتيجة انخفاض الإستروجين.
الألم أثناء العلاقة بسبب الندبات أو التمزّقات أو التشنّج العضلي.
ضعف أو شدّ عضلات الحوض مما يقلّل الإحساس بالمتعة.
الإرهاق وقِلّة النوم اللذان يخفضان التحفيز العصبي.
تغيّر صورة الجسد وما يرافقه من شعورٍ بفقدان الجاذبية.
ابدئي بمعالجة هذه الجوانب تدريجيًّا: استخدمي مزلقات ومرطّبات مهبلية لطيفة، وجرّبي تمارين التنفّس والاسترخاء، واستشيري معالجة متخصّصة بعضلات الحوض إن لزم الأمر. فحين يشعر الجسد بالراحة، تعود الرغبة لتنبض من جديد.
بعد الولادة، يتغيّر الجسد وتتبدّل العلاقة مع الذات. وقد تشعرين بأنّك غريبة عن نفسك وعن رغبتك.
استمعي إلى الحلقة التاسعة من بودكاست مش عيب حيث نتحدّث فيها عن التغيّرات الجسدية والنفسية، وعن كيفية استعادة الثقة بالجسد والحميمية تدريجيًّا. لأنّ المتعة ليست نقيض الأمومة، بل امتدادٌ طبيعيّ لها.
إذا شعرتِ أنّك لم تعودي كما كنتِ قبل الولادة، في جسدك أو رغبتك أو نظرتك إلى نفسك، فبرنامج حياتك الجنسية بعد الولادة من متلي متلك أُعدَّ من أجلك. هذا البرنامج هو دورة آمنة ومتكاملة تشمل:
لأنّ الرغبة لا تختفي، بل تحتاج فقط أن تُصغي إليها من جديد.
راجعي طبيبًا أو معالجة متخصّصة في الطبّ الجنسي أو العلاج النفسي إذا:
العلاج متاح وفعّال، وغالبًا يجمع بين الدعم النفسيّ، والعلاج الجسديّ، والتقييم الهرمونيّ.
نعم، لأنّ ارتفاع البرولاكتين أثناء الرضاعة يقلّل إفراز الإستروجين والتستوستيرون، مما يسبّب جفافًا مهبليًا مؤقّتًا وضعفًا في الرغبة.
إذا ترافق ضعف الرغبة مع نشاف مهبلي وتعبٍ مزمنٍ أو فتورٍ أو تغيّرٍ في المزاج، يُستحسن فحص مستويات التستوستيرون، والبرولاكتين، والإستروجين.
لا، فالعلاج بالتستوستيرون غير مُوصى به في فترة ما بعد الولادة، خصوصًا خلال الرضاعة الطبيعية، لأنّه قد يؤثّر في التوازن الهرموني وإنتاج الحليب. يمكن تحسين الرغبة من خلال الراحة، والتغذية المتوازنة، وتمارين الاسترخاء، والعلاج الطبيعيّ لعضلات الحوض، إضافةً إلى الدعم النفسيّ والحميميّ مع الشريك عند الحاجة.
الرغبة بعد الولادة ليست اختبارًا لأنوثتك، بل طريقُ عودةٍ إلى ذاتك. جسدك لا يخذلك، إنّما يطلب منك وقتًا وحنانًا لتعيدي اكتشافه بثقةٍ وسلام. في متلي متلك، نحن هنا لنرافقكِ عبر برامج قائمة على الأدلة العلمية، ومجتمع داعم، وحوارات مفتوحة بلا تابوهات.
✨ اكتشفي جميع برامجنا | 🎧 استمعي إلى بودكاستنا | 📩 اشتركي في نشرتنا المجانية



اشتركي في نشرتنا الإخبارية للتأكد
من عدم تفويتك لتحديثاتنا وبرامجنا الجديدة.
تواصل/ي معنا لمزيد من المعلومات أو إذا كنت متخصص/ة مهتم/ة بالانضمام إلى فريق متلي متلك.
ادخلي عنوان بريدك الإلكتروني